فصل: الشاهد الخامس والثلاثون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن انتقاض العباس بن أحمد بن طولون على أبيه.

لما رحل أحمد بن طولون إلى الشام واستخلف ابنه العباس وكان أحمد بن الواسطي محكما في الدولة وكان للعباس بطانة يدارسونه الأدب والنحو وأراد أن يولي بعضهم الوظائف ولم يكونوا يصلحون لها فمنع الواسطي من ذلك خشية الخلل في الأعمال فحمل هؤلاء البطانة عليه عند العباس وأغروه به وكتب هو إلى أحمد يشكوهم فأجابه بمداراة الأمور إلى حين وصوله وكان محمد بن رجاء كاتب أحمد مداخلا لابنه العباس فكان يبعث إليه بكتب الواسطي يتنزل له فاطلع على جواب أبيه عن كتبه بالمداراة فازداد خوفا وحمل ما كان هنالك من المال والسلاح وهو ألف ألف دينار وتسلف من التجار مائتي ألف أخرى واحتمل أحمد بن محمد الواسطي وأيمن الأسود مقيدين وسار إلى برقة ورجع أحمد إلى مصر وبعث له جماعة فيهم القاضي أبو بكرة بكار بن قتيبة والصابوني القاضي وزياد المري مولى أشهب فتلطفوا به بالموعظة حتى لان ثم منعه بطانته وخوفوه فقال لبكار: ناشدتك الله هل تأمنه علي؟ فقال: هو قد حلف وأنا لا أعلم فمضى على ريبته ورجع القوم إلى أبيه وسار هو إلى أفريقية يطلب ملكها وسهل عليه أصحابه أمر إبراهيم بن أحمد بن الأغلب صاحبها وكتب إليه بأن المعتمد قلده أفريقية وأنه أقره عليها وانتهى إلى مدينة لبدة فخرج عليه عامل ابن الأغلب فقبض عليه ونهب البلد وقتل أهله وفضح نساءهم فاستغاثوا بالياس بن منصور كبير نفوسة ورئيس الأباضية وقد كان خاطبه يتهدده على الطاعة وبلغ الخبر إلى ابن الأغلب فبعث العساكر مع خادمه بلاغ وكتب إلى محمد بن قهرب عامل طرابلس بأن يظاهر معه على قتال العباس فسار ابن قهرب وناوشه القتال من غير مسارعة ثم صحبهم الياس في اثني عشر ألفا من قومه وجاء بلاغ الخادم من خلفه فأجفل واستبيح أمواله وذخائره وقتل أكثر من كان معه وأفلت بحاشيته وانطلق أيمن الأسود من القيد ورجع إلى مصر وجاء العباس إلى برقة مهزوما وكان قد أطلق أحمد الواسطي بعد أن ضمن حزب برقة إحضاره فلما رجع أعاده إلى محبسه فهرب من المحبس ولحق بالفسطاط ووجد أحمد بن طولون قد سار إلى الإسكندرية عازما على الرحيل إلى برقة فهون أمره ومنعه من الرحيل بنفسه وخرج طبارجي وأحمد الواسطي فجاؤا به مقيدا على بغل وذلك سنة سبع وستين ومائتين وقبض على كاتبه محمد بن رجاء وحبسه لما كان يطلع ابنه العباس على كتبه ثم ضرب ابنه وهو باك عليه وحبسه.

.خروج الصوفي والعمري بمصر.

كان أبو عبد الرحمن العمري بمصر وهو عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر مقيما بالقاصية من الصعيد وكان البجاة يغيرون في تلك الأعمال ويعيثون فيها وجاؤا يوم عيد فنهبوا وقتلوا فخرج هذا العمري غضبا لله وأكمن لهم في طريقهم ففتك بهم وسار في بلادهم حتى أعطوه الجزية واشتدت شوكته وزحف العلوي للقائه فهزمه العمري وذلك سنة ستين ومائتين وكان من خبر هذا العلوي أنه ظهر بالصعيد سنة سبع وخمسين ومائتين وذكر أن اسمه إبراهيم بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب ويعرف بالصوفي فملك مدينة أسنا ونهبها وعاث في تلك الناحية وبعث إليه ابن طولون جيشا فهزمهم وأسر مقدم الجيش فقطعه فأعاد إليه جيشا آخر وانهزم إلى الواحات ثم عاد إلى الصيد سنة تسع وخمسين ومائتين وسار إلى الأشمونين ثم سار للقاء العمري وانهزم إلى أسوان وعاث في جهاتها وبعث إليه ابن طولون العسكر فهرب إلى عيذاب وعبر البحر إلى مكة فقبض عليه الوالي بمكة وبعث به إلى ابن طولون فحبسه مدة ثم أطلقه ومات بالمدينة ثم بعث ابن طولون العسكر إلى العمري فلقي قائدهم وقال: إني لم أخرج بالفساد ولا يؤذى مسلم ولا ذمي وإنما خرجت للجهاد فشاور أميرك في فأبى وناجزه الحرب فانهزم العسكر ورجعوا إلى ابن طولون فأخبروه بشأنه فقال: هلا كنتم شاورتموني فيه؟ فقد نصره الله عليكم ببغيكم ثم وثب عليه بعد مدة غلامان له فقتلاه وجاءا برأسه إلى أحمد بن طولون فقتلهما.

.انتقاض برقة.

وفي سنة إحدى وستين ومائتين وثب أهل برقة بعاملهم محمد بن فرج الفرغاني فأخرجوه ونقضوا طاعة ابن طولون فبعث إليهم العساكر مع غلامه لؤلؤ وأمره بالملاينة فحاصرهم أياما وهو يلين لهم حتى طمعوا فيه ونالوا من عسكره فبعث إلى أحمد بخبره فأمره بالاشتداد فشد حصارهم ونصب عليهم المجانيق فاستأمنوا ودخل البلد وقبض على جماعة من أعيانهم فضربهم وقطعهم ورجع إلى مصر واستعمل عليهم مولى من مواليه وذلك قبل خلاف العباس على أبيه.